سعيد ياسين (القاهرة)

سعاد حسني.. من أهم الفنانات العربيات اللاتي يؤكدن مع مرور الزمن أنه لا صوت يعلو فوق صوت الموهبة، التي كان لها منها نصيب الأسد، خصوصاً وأنها صاحبة حضور قوي وكاريزما فذة، حيث امتلكت سحراً لافتاً وأنوثة جارفة ممتزجة بضعف ظاهر، وهو ما خلق لها علاقة فريدة مع المشاهد، كما امتلكت تعبيراً رائعاً في عينيها أجمع عليه النقاد وصناع السينما، ووجهاً متكاملاً إذا صورته الكاميرا من أي جهة تكون النتيجة بذات الجمال، وهو أمر نادر في أوساط ممثلي السينما.
ولدت سعاد في 26 يناير 1943 ضمن 16 ابناً وابنة غير أشقاء، حيث تزوج والدها محمد كمال حسني البابا، الذي كان فناناً معروفاً في الخط من والدتها بعدما أنجب من زوجته الأولى ثمانية، منهم المطربة نجاة الصغيرة، ولم تدخل مدارس نظامية واقتصر تعليمها على البيت، واكتشفها الأديب عبدالرحمن الخميسي وأسند اليها دور «أوفيليا» في مسرحية «هاملت»، ثم قدمها للمخرج هنري بركات عام 1958 فأسند إليها دور «نعيمة» في فيلم «حسن ونعيمة» أمام محرم فؤاد، وكان الفيلم مرشحاً لبطولته فاتن حمامة وعبد الحليم حافظ.
واختير تسعة من أفلامها ضمن قائمة أفضل مئة فيلم في تاريخ السينما المصرية، ومنها «القاهرة 30» و«الزوجة الثانية» و«غروب وشروق» و«زوجتي والكلب» و«الاختيار» و«الكرنك» و«أهل القمة»، وقدمت 1972 أشهر أدوارها السينمائية في «خلي بالك من زوزو» أمام حسين فهمي وإخراج حسن الإمام عن سيناريو وحوار الشاعر صلاح جاهين في أول تعاون له معها، وكونا بعد هذا الفيلم ثنائياً فنياً، نادراً ما يتكرر، ولم ينته إلا بوفاة جاهين الذي كان بمثابة الأب الروحي لها في 21 أبريل 1986.
وقدمت خلال رحلتها الفنية أكثر من 80 فيلماً، جسدت من خلالها أدواراً تفاوتت بين الفتاة الرومانسية، والشقية، والمراهقة، والمغلوبة على أمرها، والمعقدة وغيرها، ومنها «صغيرة على الحب» و«البنات والصيف» و«السبع بنات» و«السفيرة عزيزة» و«إشاعة حب» و«الساحرة الصغيرة» و«عائلة زيزي» و«أميرة حبي أنا» و«المشبوه» و«بئر الحرمان» و«غريب في بيتي» و«حب في الزنزانة» و«الجوع» و«الحب الضائع» و«شفيقة ومتولي» و«موعد على العشاء»، وكان آخرها «الراعي والنساء» عام 1991، كما قامت ببطولة 8 مسلسلات إذاعية، منها «نادية» و«أيام معه» و«صرخة القدس»، إلى جانب مسلسل تلفزيوني واحد يتمثل في «هو وهي» أمام أحمد زكي.
وحصلت على العديد من الألقاب، منها «سندريلا الشاشة العربية» و«زوزو»، وحصدت العديد من الجوائز، منها أحسن ممثلة من المهرجان القومي المصري الأول للأفلام الروائية عام 1971 عن دورها في «غروب وشروق»، وجائزة من وزارة الثقافة خمس مرات عن أفلام «الزوجة الثانية» و«غروب وشروق» و«أين عقلي» و«الكرنك» و«شفيقة ومتولي»، وأحسن ممثلة من جمعية الفيلم المصري خمس مرات، وجوائز من مهرجان الإسكندرية وغيره، وأحسن ممثلة عام 1987 في عيد التلفزيون المصري عن دورها في «هو وهي»، وشهادة تقدير من الرئيس السادات في عيد الفن 1979 لعطائها الفني المتميز.
وفي منتصف التسعينيات من القرن الماضي أصيبت بشلل فيروسي في العصب السابع للوجه، وأثر ذلك على حالتها النفسية وزاد وزنها، وتزامن ذلك مع معاناتها من التجاهل والوحدة، وتوفيت في 21 يونيو 2001 عن 57 عاماً إثر سقوطها من شرفة شقتها في عمارة ستيوارت تاور في لندن.